طابور العيش... الألبوم المتجدد المتكرر لصورٍ من وجوه البشر و مواقفهم
اليوم لم أتذمر من ضياع الوقت في طابور العيش
ساعة إلا الربع قضيتها واقفاً و لم أشعر كيف انقضت
أمامي رجل ناصع بياض الشعر يرتدي بذلة يرجع عمرها إلى أيام شبابه... متأنق في مظهره رغم بساطته الشديدة و منه يفوح عطر" اللافندر" الذي اعتاد جدي (رحمه الله) وضعه في المناسبات و في يده صحيفة اليوم
كان تارة يحث من أمامه ألا يسمحوا لـ ( حماده الفران) بأن يبيع إلا لمن بالصف، و تارة يوجه الكلام لـ (حماده) بنفسه، و تارة أخرى يلتفت لزوجته - التي تحمل حفيدهما و تنتظره على بعد أمتار- و يلوح له و يداعبه فيشيرإليه ويقهقه و يناديه بـ (دِدُو) فتضحك الجدة
الجدة أيضاً امرأة طيبة، بسيطة ، في وجهها البشوش نور و قسماته تؤرخ لقصة كفاح و مشوار طويل، جميل مع الجد
أخيراً حصل الجد على أرغفته الخمسة فحملهم على الجريدة و خرج من الطابور فتبعته ببصري حتى توقف جوار الجدة، ثم سحب من الجريدة صفحة لا يهتم بقراءتها و انحنى في صعوبة يضعها على الرصيف ليُفرِد عليها الخبز
الصغير يحب أكل الخبز الطازج... هكذا بدا عليه لما اشتم رائحته و بسط راحتيه الصغيرتين طالباً الخبز... فانتقى الجد رغيفاً و قسمه ليبرد كي لا يؤذي لسان حفيده، بينما الجدة غير راضية عن هذا
!عيش حاف كده؟؟!!... استنى نروَح يابني يا حبيبي و نحط فيه حتة جبنه وللا حلاوة
لكن الجد و الحفيد كانا أغلبية... فاستسلمت و أطعمت الصغير بنفسها
الهواء بارد في هذا اليوم من نوفمبر، فسرعان ما انحنى الجد يجمع الخبز و يضعه في شنطة الجدة القماشية ثم سارا متقاربين و حمل هو الصغيرعنها و لم يتسن لي متابعتهم أكثرمن ذلك إذ استوقف الجد سيارة أجرة سمعته من بعيد يقول لسائقها : المعاشات
التقت عينانا... انا و الحفيد، فابتسمت و لوحت له مودعاً... و كذلك فعل هو من خلف الزجاج و سيارة الأجرة تبتعد
moro
Labels: قـصـاقـيـص