..أول الليل
تستقل سيارتها الجديدة..ألمانية الصنع, ذات دفع رباعي و لوحات معدنية تحمل عبارة(جمرك الأسكندرية).. تدور في جولة حول منطقتها و ما يجاورها...إلى جوارها كلبها الصغير و عبر نظام الصوت يتدفق صوت الأمريكية (دايدو)وهي تدندن معها
و كان هو خلفها مباشرة في سيارة أبيه (صينية الصنع)...يحافظ على مسافة لا تتجاوز ثلاثين سنتيمتراً.. الراديو على إذاعة الأغاني و العندليب يشدو بقارئة الفنجان
صديقنا يحرص على أن يظل في أثرهاا ... يمين..ثم يسار... ثم تأخذ الكوبري العلوي
.
بحياتك يا ولدي امرأة..عيناها سبحان المعبود.. فمها مرسوم كالعنقود
..ضحكتها أنغام و ورود..و الشعر الغجري المجنون..يسافر في كل الدنيا
قد تغدو امرأة يا ولدي يهواها القلب...هي الدنيا
.
هكذا بدت يوم التقاها لأول مرة بساحة انتظار السيارات بالمركز التجاري الشهير...حين ساعدها في ايقاف سيارتها إذ لم تكن قد تعودت على أبعاد سيارتها بعد
خلاص كده تمام
جداً merci
.
لا أكثر ولا أقل من ذلك
منذ ذلك الحين بات مسلوب العقل,غائبا عن الوعي كلما مرت بسيارتها أمامه
يتساءل
أهو مجرد انبهار؟!...أهو اعجاب؟!... أم أنه....؟!.... لا لا لا لا يعدو الأمر عن كونه فضولا ليعرف عنها أكثر
هكذا أقنع نفسه
صار يهتم بنظافة و لمعان سيارة أبيه... و في ملابسه صار يتأنق....ليتألق
.
لكن سماؤك ممطرة و طريقك مسدود مسدوووود
.
حسناً.. اشارة مرور...يتوقف وراءها... زخات المطر تنقر الزجاج الأمامي في رقة
ذاك السافل بالسيارة المجاورة لها لماذا لا ينزل عينيه عنها؟؟؟
تباً لك أيها الوقح... أرني نفسك في القيادة و لسوف ألقنك درساً
أووووووف.. انتهى الكابوس أخيراً و فُتحت الإشارة
هكذا غمم
صار صديقنا ملماً بكل مكان تقصده هي...المطاعم..الكافي شوب.. النادي.. بيت صديقتها الأنتيم... عرف أيضا أين تقطن و كيف تقضي أيامها
.
فحبيبة قلبك يا ولدي نائمة في قصر مرصود
.
... حسناً..الآن تتجه إلى منطقة مزدحمة
طفل يفلت نفسه من يد أمه و يركض فجأة بعرض الشارع وهو يضحك في براءة
تنتبه إليه و تتوقف في عنف
.
من يدخل حجرتها... من يطلب يدها... من يدنو من سور حديقتها
.
يصدمه توقفها المفاجئ...يتلاشى صوت العندليب من أذنيه... يضرب الفرملة بأقصى قوته
...تنزلق السيارة بفعل مياه المطر الخفيف.. و لا يوقفها إلا
كراااااااش
تنزل من سيارتها دون أدنى انفعال
ينزل من سيارته مصدوما يتمنى لو أنه حلم
تتحسس الخدوش و الإنبعاج الذي ألحقته الصدمة بسيارتها ثم توليه ظهرها و تنصرف بلا مبالاة...تطمئن على كلبها الذي اصطدم رأسه بالتابلوه نتيجة التوقف العنيف ثم تقود سيارتها مبتعدة
اما هو فينظر إلى مقدمة سيارته التي استحالت عجينا مكوناته فانوسين و شبكة امامية و غطاء محرك...يقاوم شعورا شديداً بالدوار
.
من حاول فك ضفائرها يا ولدي مفقود مفقود مفقوووووود
يا ولدي.... ياااا ولدي
.
و من بين صيحات المتجمهرين على اختلاف رؤيتهم للحادث.. و من بين همسات الشباب الساخرة من موقفه المحترم
... هنا فقط يدرك أن الفارق بينهما لم ينحصر فقط في التباين بين السيارتين
moro